top of page
childofhandala

كيف للهند أن لا تدعم الفلسطينيين؟



غالبًا ما يعتمد سرد التاريخ على من يكتب القصة، ومن المهم أن نسأل أنفسنا: هل نحن نحصل على الحقيقة، أم أننا نعيش ضمن رواية صاغها أصحاب القوة؟ في الوقت الذي تشكل فيه وسائل الإعلام الغربية اليوم الرأي العام حول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، علينا أن نعود بالذاكرة إلى الماضي ونتساءل كيف تم بناء الروايات حول العدالة والظلم من قبل وسائل الإعلام.

يهدف هذا المقال إلى استعراض أوجه التشابه بين طريقة تغطية الإعلام البريطاني لمقاومة الهنود خلال فترة الاستعمار وبين تغطية وسائل الإعلام الغربية الحالية لمعاناة الفلسطينيين. وهو دعوة للقارئ الغربي أو الهندي على حد سواء لفتح ذهنه والتفكير فيما إذا كانوا بالفعل في "الجانب الصحيح من التاريخ." من خلال استكشاف هذه التشابهات، نطرح تساؤلاً حول إمكانية وجود تحيز إعلامي وغسيل دماغ، تماماً كما فعلت الصحافة البريطانية في تبرير العنف وتشويه مقاومة الهنود. فهل نصدق القصص التي تُروى لنا دون أن نفكر في العواقب؟


1. تصوير المقاومة كإرهاب أو تمرد

  • الهند في ظل الاستعمار البريطاني: في الصحف البريطانية أثناء تمرد الهنود عام 1857 أو خلال حركة "اتركوا الهند"، تم تصوير المقاومة الهندية بأنها أفعال "همجية" أو "إرهابية." غالباً ما كان المقاتلون الهنود يُوصفون بـ "المتمردين"، مما يبرر الرد العسكري البريطاني.

    • مثال: "فظائع التمرد الهندي: رجال ونساء وأطفال بريطانيون قتلوا على يد السيبوي الوحشيين" (ذا تايمز، 1857)

    • مثال: "قمع الحركة الهندية بالقوة الضرورية" (ذا تايمز، 1942)


  • التغطية الحالية للصراع الفلسطيني في الإعلام الغربي: وسائل الإعلام الغربية تصف المقاومة الفلسطينية، خاصة من قبل جماعات مثل حماس، بأنها إرهاب. التركيز يكون على أعمال العنف من قبل الفلسطينيين دون التطرق للسياق الأوسع المتمثل في الاحتلال والتهجير وانتهاكات حقوق الإنسان.

    • مثال: "إرهابيون يشنون هجمات من غزة، وإسرائيل ترد" (واشنطن بوست، 2023)

    • مثال: "صواريخ حماس تستهدف المدنيين الإسرائيليين، ما يشعل هجمات انتقامية" (نيويورك تايمز، 2023)

في كلا الحالتين، تُقلل الرواية من شرعية المقاومة ضد الظلم، وتركز بدلاً من ذلك على العنف الذي يمارسه المُستَعمرون أو المحتلون.


2. تبرير عنف الدولة بحجة القانون والنظام

  • الهند في ظل الاستعمار البريطاني: عندما ردت القوات البريطانية على الثورات الهندية بالعنف الشديد، كانت العناوين الإخبارية تبرر هذه الأفعال بأنها ضرورية لاستعادة النظام أو قمع التمرد. مجازر مثل تلك التي حدثت في كانبور أو أمريتسار تم تبريرها كإجراءات لحفظ السلام والسيطرة.

    • مثال: "قمع التمرد في البنجاب برد بريطاني قوي" (ذا ديلي تلغراف، 1919) في إشارة إلى مجزرة أمريتسار.

    • مثال: "الجنرال داير ينقذ الإمبراطورية في الهند" (ذا مورنينج بوست، 1919) بعد نفس الحدث.


  • التغطية الحالية للصراع الفلسطيني في الإعلام الغربي: تُصوّر العمليات العسكرية الإسرائيلية، حتى عندما تؤدي إلى سقوط عدد كبير من المدنيين، على أنها أعمال دفاع عن النفس أو حفاظ على الأمن. يُخفف من الحديث عن الاستخدام المفرط للقوة، وتُقبل رواية الدولة دون تحقيق عميق.

    • مثال: "إسرائيل ترد على هجمات الصواريخ بضربات دقيقة" (ذا غارديان، 2023)

    • مثال: "إسرائيل تدافع عن نفسها ضد الإرهابيين في غزة" (بي بي سي، 2023)


في كلا السياقين، يُصور العنف الذي تمارسه القوة الاستعمارية أو المحتلة على أنه قانوني وضروري، في حين يُعتبر العنف من قبل المُستَعمَرين أو المُحتَلين غير مشروع.


3. تجاهل المعاناة الإنسانية للمدنيين

  • الهند في ظل الاستعمار البريطاني: غالباً ما تم تجاهل معاناة المدنيين الهنود في التغطية البريطانية، أو تم التقليل من شأنها. في حين كان التركيز على الأعمال الوحشية التي قام بها الثوار الهنود، كانت المجازر التي ارتكبها البريطانيون ضد المدنيين تُبرر أو تُتجاهل.

    • مثال: "الجنرال داير ينقذ الإمبراطورية في الهند" (ذا مورنينج بوست، 1919) بعد مجزرة أمريتسار.


  • التغطية الحالية للصراع الفلسطيني في الإعلام الغربي: يُخفف الحديث عن ضحايا المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، أو يتم التعامل مع الموضوع بطريقة غير مباشرة. نادراً ما يكون التركيز على معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار أو في مخيمات اللاجئين. بدلاً من ذلك، تركز الرواية غالباً على المخاوف الأمنية الإسرائيلية.

    • مثال: "سقوط ضحايا مدنيين مع استهداف إسرائيل لمعاقل حماس" (سي إن إن، 2023)

    • مثال: "الفلسطينيون بين نيران الصراع بينما تدافع إسرائيل ضد هجمات الصواريخ" (رويترز، 2023)


في كلا السياقين، يتم تهميش معاناة المُستَعمَرين أو المُحتَلين، ويُركز أكثر على سلامة المحتلين أو المستعمرين.


4. تجنب تناول الأسباب الجذرية للصراع

  • الهند في ظل الاستعمار البريطاني: نادراً ما تناولت الصحافة البريطانية الأسباب الجذرية للثورات الهندية مثل الاستغلال الاقتصادي أو القمع الثقافي. كان التركيز على أعمال العنف، دون الحديث عن الأسباب التي أدت إلى الثورة.

    • مثال: "قمع الحركة الهندية بالقوة الضرورية" (ذا تايمز، 1942)


  • التغطية الحالية للصراع الفلسطيني في الإعلام الغربي: بنفس الطريقة، تتجنب وسائل الإعلام الغربية الغوص في الأسباب الجذرية للمقاومة الفلسطينية، مثل الاحتلال الطويل، المستوطنات غير القانونية، والحصار المفروض على غزة. بدلاً من ذلك، يتركز الحديث على أحداث العنف فقط، دون النظر إلى الظلم المستمر لعقود.

    • مثال: "استمرار دورة العنف في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" (وول ستريت جورنال، 2023)


في كلا الحالتين، يتم تجاهل العوامل الهيكلية والتاريخية التي تؤدي إلى المقاومة، بينما يُركز على العنف الفوري.


5. تصوير الصراع على أنه "غير متحضر" أو أن الشعوب غير قادرة على الحكم الذاتي

  • الهند في ظل الاستعمار البريطاني: غالباً ما صورت الصحافة البريطانية الهنود على أنهم غير قادرين على الحكم الذاتي، مستخدمين الثورات كدليل على أن الهند تحتاج إلى السيطرة البريطانية للحفاظ على "التحضر" والنظام.

    • مثال: "اضطرابات في الهند: الإدارة البريطانية تحت الهجوم" (ذا مانشستر غارديان، 1947) خلال الفترة التي سبقت استقلال الهند.


  • التغطية الحالية للصراع الفلسطيني في الإعلام الغربي: في التغطية الغربية، هناك في كثير من الأحيان إيحاء بأن الفلسطينيين غير قادرين على حكم أنفسهم، خاصة بعد وصول حماس إلى السلطة في غزة. يُصور العنف على أنه متجذر في المنطقة، دون تحميل الاحتلال المسؤولية.

    • مثال: "الفوضى في غزة: هل يمكن للفلسطينيين تحقيق السلام؟" (ذا أتلانتيك، 2023)

    • مثال: "عدم الاستقرار في الشرق الأوسط: حلقة مفرغة لا تنتهي" (ذا إيكونوميست، 2023)


في كلا الحالتين، يتم تعزيز رؤية أبوية تصور السكان المحتلين أو المُستعمرين على أنهم غير قادرين على تحقيق الاستقلال أو إدارة شؤونهم.


الخلاصة:

سواء في تغطية الصحافة البريطانية لمقاومة الهند الاستعمارية أو في التغطية الحالية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هناك ميل لتصوير أعمال المقاومة على أنها غير شرعية أو همجية، وتبرير عنف الدولة كضرورة لاستعادة النظام، مع تجاهل الأسباب الجذرية للصراع. هذه الروايات تعزز اختلال التوازن في السلطة وتسهم في تقديم فهم أحادي الجانب للحقائق التاريخية والسياسية للاستعمار والاحتلال.


ملاحظة: الدراسة بمساعة الذكاء الصناعي

28 views

Comments


bottom of page